القائمة الرئيسية

الصفحات



العلاج بالكوميديا 

هل يمكن للبسمة أن تغير شيئا في ميزان الأمراض ؟
هل هناك علاقة بين فاعلية الدواء ضد المرض ونفسية المريض ؟
هل الكوميديا ممكن أن تعالج الأمراض الأمراض العضوية إلى جانب النفسية والعصبية ؟
في الأسطر القادمة يجيبنا الدكتور ( محمد ماهر قابيل ) في مقال أظنه من أهم المقالات الطبية التي لابد أن تكون مثالا للطب النفسي والبدني .

ما معنى الكوميديا ؟

 الكوميديا هي الملهاة .
هي الوجه المبهج للدراما.
هي فن السرور القائم على السخرية التي تبعث البسمة.
هي المقابلة الكاريكاتورية بين ما هو كائن وبين ما ينبغي أن يكون.
هي النجاة من الغرق في محيط الأسی بطوق ظريف قد لا يخلو من شفافية الحزن.
والكوميديا الهادفة اقتراب نقدي يسلط الضوء على الواقع متجها إلى تغييره من خلال إظهار عيوبه في إطار هزلی ولكن الإضحاك في ذاته قد يكون هو الهدف الأساس وربما الوحيد للكوميديا، وهو بلا شك هدف جدير بالاهتمام في سياق المتاعب اليومية التي يواجهها الجميع.
فليس من المفروض في الكوميديا دائما أن تنطوي على رسالة اتصالية تطرح معادلة منطقية على المتلقي لأن الترفيه قد يكون الغاية المطلوبة دون سواها.

البساطة الكوميدية :

وروعة الكوميديا في بساطتها وتلقائيتها وبعدها عن التكلف المفتعل. وتلك أيضا هی صعوبتها. فالكوميديا مهنيا أشق من التراجيديا لأن صنع السعادة يقتضي بذل جهد أكبر من جهد استدرار الدموع، وتشخيص الألم أيسر من تجسيد النشوة.
 والكوميديا ليست حكرا على الإنسان. فثمة نصيب منها لأمم أخرى. إذ ثبت بالفعل أن بعض سلالات القردة قادر على خلق المواقف الطريفة، ويستطيع أن يضحك عند حدوث هذه المواقف.

موهبة الكوميديا :

والكوميديا أصلا موهبه في كتابتها وفي تقديمها، لكنها ككل الفنون - دخلت مجال الدراسات الأكاديمية، ووضع لها أساتذة الدراما التأصيل العلمي الذي يبنيها على قواعد منهجية تمثل للكاتب مصابيح الهداية التي يسترشد بها في صياغة نصوص محكمة، وتعني للممثل توجيهات المخرج التي ينفذها للتعبير عن تلك النصوص. ويصل تألق الممثل الكوميدي الى حد أنه يصبح وجها واعدا بالمرح. فيضحك الناس بمجرد رؤيته، وقبل أن يبدأ القيام بدوره. ويرتفع إلى هذا المستوى كثير من النجوم الساطعة في سماء الكوميديا .
والإنسان لا يستطيع أن يستغني عن الكوميديا لأنه ببساطة لا يستطيع أن يستغني عن الضحك، ولأنه يعيش المفارقات في كوميديا الحياة.

علاج للأمراض :

والعلاج بالكوميديا لا يقف عند الأمراض النفسية والعصبية فحسب بل إن من الممكن أن يتجاوزها إلى الإسهام في تحقيق الشفاء من امراض عضوية. إذ تلعب الحالة المعنوية للشخص دورا في مقاومته للداء حيث تكون الإرادة عاملا حاسما في التغلب عليه، ويكون البشر النابع من الاستماع أو المشاهدة أوكليهما معا هو جسر العبور من الاستسلام إلى المواجهة، ومن اليأس إلى الأمل الذي يقود إلى التعافی ومن ثم قد تكون الكوميديا دواء بلا نظير يخرج المريض من متلازمات الاكتئاب المسببة لمرضه أو المصاحبة له أو الناتجة عنه. وليس من الحكمة - بصفة عامة الفصل التعسفي الشامل بين الشقين: الروحي والبدني في التعامل مع العلة. فهما مثابة أنيتين مستطرقتين، تقضي كل منها إلى الأخرى. والمزايا النسبية لعقار الكوميديا متعددة. فليست له تكلفة مادية، ولا أثار جانبية ولا جرعات محددة تؤدي زيادتها إلى إضرار بالصحة ولا يحتاج تعاطيه حتى إلى استشارة متخصص. فالعلاج بالكوميديا من أفضل وسائل العلاج النظيف الذي يصلح ولا يفسد. ولا ينبغي على الاطلاق الاستخفاف بالكوميديا كترياق لسموم المعاناة. فقد أثبتت الخبرة الواقعية كمعيار تجريبي أن العلاج بالكوميديا حقيقة ثابتة لا موضع للجدل بشأن محاولة إنكارها أو دحضها.
قد لا يضع المؤلف نصب عينيه بالضرورة أنه طبيب معالج لكن العلاج بالكوميديا وظيفة لابد أن تأخذ مكانها في مصاف الأدوية الهامة والفعالة جدا .

هل اعجبك الموضوع :

تعليقات

اقسام الموضوع