القائمة الرئيسية

الصفحات

بناء طفل قوي وذكي يبدأ من غذاء الأم


تغذية الحامل والمرضع:

بقلم الدكتورة :  فياز زمراوي:
أهمية تغذية وصحة الحامل والمرضع وعلاقتهما بصحة الطفل:
يستحسن أن تبدأ الرعاية الصحية والغذائية في فترة مبكرة قبل الحمل، وأن يتم إعداد الفتيات للحياة الأسرية المقبلة بالاستفادة من برامج الرعاية الصحية والغذائية للمراهقين. وبعد حدوث الحمل تكون الرعاية السابقة للولادة ذات أهمية بالنسبة لصحة الأم وللتطور السوي للجنين.

والاهتمام برعاية الأمهات- الحوامل والمرضعات- صحيا وغذائيا يؤدي إلى تنشئة أطفال أصحاء- ويحافظ على صحة الأمهات وقدرتهن في التغلب على المشكلات الصحية المحتمل حدوثها، خاصة في فترة الحمل، مع العلم بأن فترة الحمل هي من أحرج الفترات التي تمر بها المرأة، في حين تعتبر فترة الرضاعة أقل حرجا، وذلك بسبب متطلبات نمو الجنين. وبسبب التغيرات التي تحدث لجسم الأم، وكلاهما يتطلب زيادة المواد الغذائية في هذه الفترة .

يعاني كثير من الحوامل والمرضعات من سوء التغذية نتيجة اتباعهن نظاما غير صحيح في التغذية، ونتيجة للحمل المتقارب وقصر الفترات الفاصلة بين حمل وآخر، مما لا يتيح لهن الفرصة لإدرار اللبن "الحليب" الكافي لإرضاع أطفالهن. ولقد أثبتت التجارب العلمية أن التغذية الجيدة للأم قبل وأثناء فترة الحمل تقلل من حدوث الإجهاضات والولادات المبكرة، ومشكلات وأمراض الحمل، وأمراض الأطفال المولودين حديثا، وأن سوء التغذية الشديد قد ينتج عنه نقص في وزن الطفل المولود عن متوسط الوزن لأمثاله، وقد يولد الطفل بمخزون أقل من المعادن كالحديد مثلا والفيتامينات، مما يعرض حياته للخطر.

دراسات وأبحاث :

قد لاحظ هونورا عام 1949 بوجود علاقة وطيدة بين غذاء الأم الحامل ووزن الوليد، وجاء بعده العالم الإنكليزي إدوارد فتمكن من كشف الدور الذي تلعبه التغذية المتوازنة في حماية الأم من مضاعفات الحمل. وفي جنوب الولايات المتحدة الأميركية جاءت المشاهدات التي أكدت العلاقة بين سوء تغذية الأمل الحامل وبين زيادة معدلات مراضة morbidity ووفيات mortality كل من الأجنة والأمهات.
وفي بوسطن أوضحت البحوث فائدة أثر الغذاء الغني بالبروتين- protein rich diet والفيتامين في معدلات حدوث الارتعاج eclampsia وفي عام 1930 تمكن العلماء في النروج من إنقاص معدلات انخفاض وزن الوليد عن طريق العناية التغذوية، ولقد لخص العلماء نتائج أبحاثهم بقولهم إن الطفل يبلغ عند الولادة تسعة أشهر من العمر من الناحية الغذائية.

وفي بوسطن أجرى بيرك وزملاؤه دراسة حول الغذاء الذي تتناوله الحوامل، وتصنيفه وموازنته بالغذاء المعياري الذي يوصي بتناوله، ثم قورنت هذه الأصناف الغذائية بحصيلة الحمل لكل منها، وكانت النتيجة أن معظم الأطفال الأسوياء ولدوا لنساء كن يتناولن غذاء متوازنا، بينما كانت حالات الإملاص stillibirth أو الخداج "الولادات المبتسرة" Premature أو حالات نقص النضج الوظيفي أو المصابين بتشوهات ولادية سائدة بين أطفال النساء اللواتي تناولن غذاء غير متوازن أثناء الحمل.

كما أن الأبحاث التي نشرها بروور Brewer منذ أوائل الستينات حتى الآن تعطي الدليل على ضرورة اتباع برنامج فعال في توفير غذاء جيد يحتوي على مقادير ملائمة من البروتين ذي القيمة البيولوجية العالية لأغراض بناء الأنسجة، وعلى مقادير كافية من الطاقة بحيث لا يحصل تقويض في البروتين.
فقد جاءت هذه الأبحاث لتؤكد أن مثل هذا البرنامج سوف يقلل بشكل جذري وملحوظ من معدلات مراضة الأطفال والأمهات، ويقلص معدلات نقص الوزن عند الولدان فإذا أعطيت الأمهات غذاء مناسبا يكفي لكي تكتسب الأم زيادة معقولة في وزنها أثناء الحمل، فإن عدد الأطفال الذين يولدون بوزن ناقص سوف يتناقص إلى درجة كبيرة .
وقد توصل بروور في دراسته على 1500 حالة من المناطق الفقيرة إلى إنقاص عدد الأطفال ناقصي الوزن عند الولادة "2050 غراما" إلى 2.2 % من مجموع الولادات، وذلك بإعطاء الحوامل إضافات غذائية ملائمة أثناء الحمل. ولقد انخفض معدل الولادة المبتسرة "الخداج" إلى 15% بين الأمهات الحوامل في سن 14 - 16 سنة، وهذا المعدل منخفض بالقياس إلى المعدلات الشائعة على صعيد الولايات المتحدة الأميركية، حيث تبلغ معدلات ولادات الأطفال ناقصي الوزن 8.2% ومعدلات الولادات المبتسرة 15% إن التغذية لا تعني كثرة الطعام بل نوعيته.
وأهم ما يجب مراعاته هو الكمية الكافية من المكونات الغذائية الرئيسية مثل البروتينات والفيتامينات والكربوهيدرات والدهن....إلخ. ومن الملاحظ انخفاض معدلات سوء التغذية في كثير من البلدان النامية وذلك مع تقدم المستويات المعيشية عامة، ولكن ما زلنا نرى آثار سوء التغذية النوعية، بسبب الجهل بأنواع الطعام اللازمة للحامل، أو بسبب اتباع نظام غذائي قاس في بعض المجتمعات وذلك حفاظا على الوزن الشمالي للجسم.

وقد أجرى بعض العلماء مثل Mussen و kagon تجربة على مجموعتين من النساء الحوامل، القسم الأول يتناولن غذاء غير متوازن من ناحية احتوائه على عناصر الغذاء الضرورية، والقسم الثاني يتناولن الغذاء المتوازن من حيث احتوائه على بروتينات وفيتامينات وأملاح معدنية وكمية كافية من الكالوري.
وكانت النتائج:
لقد كان وزن مواليد الفئة الثانية أكثر، وكانت مؤشرات الصحة العامة لديهم وخاصة خلال الشهر الأول من العمر أفضلن كما كانت نسبة الإصابة بالأمراض المعدية والإسهالات والتهابات الرئة في الأشهر الستة الأولى أقل بكثير من مواليد الفئة الأولى. كما أنه تبين أن النقص في الغذاء عند الفئة الأولى قد يسبب بعض التأخر العقلي لدى أطفالهن في المستقبل.
وبالنسبة للأم المرضع فقد وضع لها أيضا توصيات غذائية قد تفوق التوصيات بالنسبة للأم الحامل في بعض العناصر، مع التركيز على أطعمة الوقاية، وزيادة السوائل، حيث تطرح كمية من الماء في اللبن المفرز يوميا إضافة إلى 1- 2 لتر من الإفرازات الطبيعية من الجسم. وفي تجربة عن تقدير قيمة التغذية بأطعمة الوقاية على الرضاعة الطبيعية للأم في كندا، وجد أنه عند إضافة اللبن والبيض والجبن والبرتقال والطماطم وفيتامين D والقمح إلى غذاء الأم المرضع خلال الأسابيع الستة الأولى من الرضاعة فقطن ظل تأثير التغذية واضحا على صحة الطفل حتى الشهر السادس من العمر، كما تابع 39% من الأمهات اللواتي تناولن هذه الإضافات الرضاعة الطبيعية بالموازنة مع 24% فقط ممن لم يتناولن أي إضافات. كما أن الأطفال كانوا أكثر صحة وأثقل في الوزن من أطفال المجموعة الثانية.
ولما كان نمو المخ عند الرضيع يكتمل في هذه الفترة من العمر، فإن تغذية الأم أثناء فترة الرضاعة ذات أهمية لا تقل عن أهمية فترة الحمل.
وهناك دلائل علمية تشير على أن تحسين تغذية الأم أثناء فترة الحمل لها أثر فعال على صحة الأم والطفل والرضع بعد الولادة، وبالتالي على المجتمع ككل.
 لقد وجد أن التغذية الجيدة بأطعمة الوقاية تقلل من معدل وفيات الأمهات والرضع في الشهور الأولى من العمر، وهذه النتائج صحيحة دائما سواء كانت الدراسة تتم في بيئات فقيرة اقتصاديا أو على مستوى اقتصادي فوق المتوسط.
من الواضح أن غذاء الحامل والمرضع يكتسب أهمية كبرى بالنسبة لكل من الطفل وأمه، ومن هنا كان لا بد أن تعطى عناية كبرى للتغذية أثناء فترتي الحمل والإرضاع، حتى لا تكون الوجبة الغذائية عاملا سلبيا على صحة الأم.
وهنالك توصيات بزيادة المكونات الغذائية للمرأة الحامل والمرضع خلال فترتي الحمل والإرضاع، وذلك بتناول غذاء متوازن يحوي جميع المكونات الغذائية اللازمة للاحتفاظ بالصحة، وولادة طفل موفور الصحة، وتكوين اللبن الكافي لرعايته، علما بأن الطفل الرضيع يعتمد بشكل مباشر على الغذاء الذي تتناوله أمه.

 بالنسبة للحديد إذا كانت الوجبات المقدمة لا تفي بالاحتياجات منه فيجب أن يقدم في صورة أقراص طوال فترة الحمل.
يجب أن تكون الطاقة الكلية للأم الحامل كافية، حتى تستطيع أن تزيد في الوزن الزيادة الطبيعية المفروضة بالنسبة لمرحلة الحمل. كما يجب أن يزداد الكالسيوم والكوليكالسيفيرول المأخوذ بعد الشهر الرابع لبناء العظام، حيث تبدأ هذه العملية في ذلك الوقت.
في الشهور الثلاثة الأخيرة من الحمل يتم تعويض الحديد المفقودة من جسم الأم عن طريق زيادة المأخوذة من الحديد يوميا.
الحمل الطبيعي يحتاج إلى زيادة في الوزن تفوق في مجموعها الزيادة المطلوبة للجنين والمشيمة، وهي تقريبا حوالي 5.5 كيلو غرامات.
وعليه من الضروري زيادة وزن الأم الحامل، وإن لم يزد وزن الأم بحوالي خمسة ونصف كيلو غرام فهذا يدل على أن نمو الجنين قد استهلك مخزون الأم الغذائي الموجود في الأنسجة، كما أن عدم نمو وكبر الصدر والمخازن الدهنية خلال فترة الحمل قد يقف حاجزا أمام الرضاعة الطبيعية للمولود.

المراجع : نقلا عن كتاب : الغذاء والتغذية
المؤلف: عبد الرحمن عبيد عوض مصيقر


هل اعجبك الموضوع :

تعليقات

اقسام الموضوع